احلى حاجه الصحبه

الجمعة، 21 مارس 2008

لأنها الثقافة الغائبه

هل تملك شجاعة الإعتذار ؟
"آسف"، "معذرة"، "أرجو أن تسامحني" لماذا غابت هذه المفردات عن عالمنا؟ لماذا افتقدناها وأصبحت كلمات غريبة على مسامعنا؟ لا نكاد نسمعها من المخطئ هذا إن اعترف من الأصل بخطئه.. لماذا نشعر بأننا على حق دائما بينما الآخرون على خطأ؟،
وهل وصلنا أحدنا لحد الكمال ؟! فمثلا وانت تسير بالطريق أحيانا ما تجد من يلكز عابر آخر دون أن يعتذر له ولو بالإشارة ، وقد انعكس ذلك السلوك حتى على المستوى الرسمي فقلما سمعنا عن اعتذار جهة رسمية للناس عن تقصيرها في أداء واجباتها ، الاعتذار عموما هو أدب اجتماعي إنساني رفيع واستعادة لاحترام الذات .ومن المفارقات أنه على عظم إعلاء تعاليم الإسلام لفضيلة الاعتذار لا نجد لها صدى أو انعكاسا على أرض الواقع في سلوك الأفراد والجماعات والمجتمعات فما "التوبة" إلا التعبير الأسمى عن "ثقافة الاعتذار"
.الاعتذار في الإسلام يبقى لنا أسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عاتبه الله في عبد الله بن أم مكتوم، الذي نزلت فيه سورة "عبس". ففي موقف الرسول من ابن أم مكتوم بعد نزول الآية خير دليل على ضرورة مراجعة الإنسان لأفعاله مهما كان مركزه ومهما علا قدره، لأن الاعتراف بالحق فضيلة.
فقد روى الثوري ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى بن أم مكتوم بعد ذلك يبسط له رداءه ويقول: "مرحبا بمن عاتبني فيه ربي، هل من حاجة؟".
كما استخلفه على المدينة في غزوتين غزاهما الرسول ليدلل له على مكانته لديه.وموقف آخر يدل علي عظم قيمة الاعتذار حيث اجتمع الصحابة في مجلس لم يكن معهم الرسول صلى الله عليه وسلم فجلس خالد بن الوليد، وجلس ابن عوف، وبلال و أبو ذر، وكان أبو ذر فيه حدة وحرارة فتكلم الناس في موضوع ما، فتكلم أبو ذر بكلمة اقتراح: أنا أقترح في الجيش أن يفعل به كذا وكذا.قال بلال: لا هذا الاقتراح خطأ.فقال أبو ذر: حتى أنت يابن السوداء تخطئني!!، فقام بلال مدهوشا غضبانا أسفا..وقال: والله لأرفعنك لرسول الله عليه السلام ..وأندفع ماضيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
وصل للرسول صلى الله عليه وسلموقال: يارسول الله .. أما سمعت أبا ذر ماذا يقول في ؟قال عليه الصلاة والسلام: ماذا يقول فيك ؟؟قال بلال: يقول كيت وكيت ..فتغير وجه الرسول صلى الله عليه وسلم .. وأتى أبو ذر وقد سمع الخبر .. فاندفع مسرعا إلى المسجد ..
فقال: يارسول الله .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..قال عليه الصلاة والسلام: يا أبا ذر أعيرته بأمه .. إنك امرؤ فيك جاهلية .!!فبكى أبو ذر .. وأتى الرسول عليه السلام وجلس..وقال يا رسول الله استغفر لي .. سل الله لي المغفرة ثم خرج باكيا من المسجد ..
وأقبل بلال ماشيا .. فطرح أبو ذر رأسه في طريق بلال ووضع خده على التراب ..وقال: والله يابلال لا ارفع خدي عن التراب حتى تطأه برجلك ..أنت الكريم وأنا المهان ..!!فأخذ بلال يبكي .. وأقترب وقبل ذلك الخد ثم قاما وتعانقا وتباكيا.
.الناس في تقديم المعاذير مذاهبفن الاعتذار"الاعتذار عطر جذاب؛ فهو يحول أسوأ اللحظات إلى هدية رائعة"يؤكد خبراء فنون التعامل والاتيكيت أن الاعتذار فن له أصول وقواعد، أهمها التي عبر عنها الخبير سيد جلال في أحد كتبه بقوله: أن عنصر التوقيت وحسن اختياره هو أول خطوة في فكر الاعتذار. فمن الضروري اختيار الوقت المناسب للاعتذار لمن أخطأنا في حقه، والتفكير في الطريقة التي تناسب الاعتذار بما يتماشى مع شخصية الطرف الذي وقع الخطأ في حقه.فإذا كان يحب الزهور على سبيل المثال من الممكن إرسال باقة ورد، مصحوبة بكلمة اعتذار رقيقة. وإذا كان قارئا نرسل له كتابا شيقا في مجال اهتمامه به مع كلمة رقيقة تذيب ما في النفوس من غضب، كما يؤكد سيد جلال على حقيقة أخرى مهمة، ألا وهي عدم الاعتذار للشخص الذي أخطأنا في حقه أما الغير حتى لا نجرح مشاعره، بالإضافة إلى تفضيل عدم الاستعانة بشخص ثالث لتسوية الخلاف.فهو ينصح بأن يظل قاصرا على الطرفين المتخاصمين.. أما أخيرا وليس آخرا، من الضروري أن يتحلى الطرف الذي نقدم إليه الاعتذار بروح التسامح، ويعلم أن ابن آدم خطاء وأن المسامح كريم.غرس ثقافة الاعتذاريقول د.يحيي الرخاوي أستاذ الطب النفسي "أسلوب التربية في المجتمعات العربية يدعم فكرة رفض الاعتذار عموما.
ويزيد من ذلك الرفض لدى الذكور على الاعتبار الخاطئ أن الاعتذار يعني انتقاصا من الرجولة، والرجل الشرقي يقبل بأي شئ إلا الانتقاص من رجولته".وثقافة الاعتذار إذا أردنا تعميمها في المجتمع علينا بالبدء من مرحلة الطفولة المبكرة من خلال غرس تلك القيمة في أطفالنا بين أقرانهم.فالأم إذا رأت ابنها في خلاف مع أصدقائه أو زملائه، تشجعه على هجرهم وعدم الاعتذار لهم حتى لا يفقد مركزه وسطهم، على اعتبار أن الأقوى لا يعتذر. وتكون تلك هي البداية التي تتراكم عليها باقي السلوكيات الرافضة للاعتذار بين كل أفراد المجتمع.هذا عدا أننا نجد في ثقافتنا العربية العديد من أبيات الشعر التي تتناول المدح والفخر ولكن قلما تجد بيتا شعريا في الاعتذار.
وعلى الآباء تعليم أطفالهم ضرورة متى ولماذا يعتذرون، وفيما يلي بعض التوجيهات والإرشادات من الخبراء التي تساعدك على ذلك: - وضِّح لطفلك كيف يعتذر، وذلك بالاعتذار نيابة عنه في حضوره، وذلك يوضِّح عملياً التصرُّف الصحيح. وعندما تفقد السيطرة على نفسك مع طفلك لا تنسى أن تعتذر له. - تنبيه الطفل باستمرار إلى القوانين التي تحكم تصرُّفاتهم، وتكرار أهمية الاعتذار في حالة السلوك الخطأ. - الاقتراح على الطفل أن يقوم بشيء يعبِّر عن الحب، إضافة لكلمة الاعتذار؛ لأنَّ كلمة الاعتذار المجرَّدة في بعض الأحيان لا تعبِّر عن الشعور الحقيقي، كأن يعانق شقيقه بعد الاعتذار له. - الإشادة بالسلوك الحسن: عندما يقوم الطفل بسلوك حسن كالاعتذار لشخص آخر؛ فيكون من الأفضل الإشادة بذلك التصرُّف أمام الآخرين.
- لعب الأدوار بواسطة الدمى: وذلك بأن تقوم الأمُّ مثلاً بوضع حوار للدمى، تقوم الأمُّ فيه بدور المتحدِّثة نيابة عنهم، ويهدف الحوار إلى تعليم الأطفال السلوك الحسن. - - نظراً إلى أنَّ الطفل لا يميل إلى الاعتذار فإنَّه عادة يحاول لوم الطفل الآخر للأعمال غير المستحبة. ولذلك من الأفضل عدم الضغط على الطفل للاعتذار، وإنَّما مناقشة المشكلة مع الطرفين، وإفادة الطفلين المتنازعين بأنَّ المشاركة في اللعب هي قانون اللعب السليم.