احلى حاجه الصحبه

الاثنين، 14 أبريل 2008

نظره سريعه

مساء الخير. لكي أذكّر نفسي وكي أذكّر الآخرين والجميع ممن يستمعون إلينا هذه الليلة، فإني أنبه إلى أن هذه المجموعة من الحلقات ليست عن الشأن الجاري ولو أني أتناول بعض الشأن الجاري بقصد إلقاء الضوء على ما أقصد أن أتحدث فيه. ما أتحدث فيه في واقع الأمر هو حروب العرب وسلامهم. حروب العرب استمرت، في اعتقادي، 17 سنة، عصر الحروب، لأنه بدأ تقريباً يوم تأميم قناة السويس 26 يوليو سنة 1956 وتوقف أو انتظر يوم 6 أكتوبر سنة 1973، وبعدها بدأ خيار السلام. حرب فلسطين، ممكن حد يقول لي أنه عصر الحروب بدأ قبل هذا، لكن واقع الأمر أن حرب فلسطين لم تكن حرباً بالمعنى التقليدي ولو أن الإسرائيليين استولوا فيها على 78,5 من أرض فلسطين، لكن هذه كان ظرف غفلة وتنبه العرب متأخرين ولم يكونوا مستعدين للحرب ولم تكن حرباً، وعلى أي حال سوف أتحدث فيها. لكن أنا حقيقة أظلم العرب وأظلم التاريخ وأظلم العسكرية وأظلم فكرة الأمن القومي إذا قلت أن 1948 يمكن أن تعتبر من حروب العرب، لأنها.. هي حرب، حرب عرب، لكنها واتتهم على غفلة وواتتهم في ظروف لم يكونوا متنبهين ولا مستعدين وتصرفوا وفق حدود التقسيم التي فرضت عليهم وتصوروا أنه.. يعني أنا مستعد أقول أن 1948 كانت تقريباً مناورة بالذخيرة الحية ولو أنه عندنا فيها شهداء وعندنا فيها قتلى، لكنها لم تكن حرباً لأنه كان ينقصها عناصر كثيرة جداً في مفهوم الحرب. لكن أقدر أقول إن زمن الحرب ببساطة بدأ مع قناة السويس، مع تأميم شركة قناة السويس ويوم 6 أكتوبر، ومع انتصار عظيم جداً تبدى في ذلك اليوم، فأنا بأقول أنه يومها بدأ، صباح اليوم التالي بدأ خيار السلام، وأنا مستعد أقول إن خيار السلام ابتدأ من وقتها إلى هذه اللحظة. فإحنا قعدنا مع خيار الحرب 17 سنة وقعدنا مع خيار السلام تقريباً 35 سنة، حاجة كده. هنا ونحن نتحدث عن العرب والحرب والسلام ونحن نتحدث عن أمن قومي وضرورة أمن قومي، يبقى في اعتقادي أن أخطر معارك العرب وأشدها حاجة إلى الأمن القومي ليست في الماضي ولكنها في المستقبل، أنا آسف أقول كده لأن بعض الناس يتصوروا أن عصر السلام بدأ عصر الحروب انتهى وعصر السلام بدأ، وأنا أخشى أن أقول أن ما هو قادم أمامنا يفوق بكثير جداً ما مضى من حياتنا ولا بد، وليست هناك وسيلة أخرى مش بس لا بد، ليست هناك وسيلة أخرى إلا أن نكون مستعدين بفكر واضح لأمن قومي محدد وأمن قومي نلتزم به. إذاً حبيت أقول، كان في نظريات أمن كان في تصورات أمن كان في أفكار أمن كان في خطوط أمن في المراحل السابقة سواء في مرحلة الحرب أو في مرحلة السلام، لكن هذه الخطوط كلها أثبتت، أو التجربة أثبتت أن هذه الخطوط كلها تحتاج مننا إلى مراجعة كبيرة قوي، وتحتاج نظرية الأمن القومي العربي إلى صياغة أخرى مختلفة. إذاً أنا حبيت أن أشوف كيف انتهت هذه المرحلة، سواء مرحلة الحرب في سنوات معينة وسنوات السلام أو ما سميناه بالسلام، في مرحلة أطول مرتين تقريباً من مرحلة الحرب فأنا مستعد أقول، ولو أني لا أريد أن أقترب من الشأن الجاري، مستعد أقول أن هذه الصور التي رأيناها قبل أسابيع في مؤتمر أنابوليس أنا أعتقد أنها كاشفة بأكثر مما يتصور أي أحد. أنا مرات أقول إن بعض الصور قد تكون هامة، لقطات نادرة في التاريخ، بعض الصور قد تكون مهيبة فيها جلال وفيها.. بعض الصور قد تكون مؤثرة عاطفيا، لكن هناك بعض الصور قد تكون دالة على مراحل معينة وهي تشرح بأكثر من أي شيء ممكن حقيقة ما يجري في لحظة معينة، تمسك بها عدسة الكاميرا وتبقيها ماثلة للعيان لمن يريد أن يدرس وأن يطل على الصورة وأن يطل بمحاولة نفاذ إلى ما وراء السطح وإلى ما وراء التقاطيع وإلى ما وراء الظل والخط واللون. صورة ما جرى من أسابيع في أنابوليس، وهي الميناء الذي اختير لعقد مؤتمر لتنشيط عملية السلام أو كما قيل لنا لبدء المفاوضات، أنا أعتقد أنها صورة تستحق أن نطل عليها، ونطل عليها وفي ذهننا تصور ماذا جرى للأمن القومي العربي لأننا خالفنا، هذه الصورة تدلني بوضوح على المخالفات التي ارتكبناها في حق الأمن العربي، كما أنها تنصحنا وبوضوح أن فكروا مرة أخرى، لأن هذا الشكل لا تستطيعون أن تواجهوا به أي مستقبل. الصورة تبدو لي كما لو كانت لوحة تقريباً، مشهد من مشاهد القرون الوسطى. إمبراطور موجود دخل في حروب وأرهقته، إمبراطور بوش، ودعا ملوكه وعماله وحكامه على الولايات إلى عاصمته لكي يطلب منهم أشياء، وهم يترددون في الذهاب كلهم مترددين في الذهاب لأنهم يعلمون ببساطة أن مطلب الإمبراطور منهم هو طلب زيادة ضرائب جديدة جباية جديدة على رعاياهم، وهم يشعرون، واحد أن رعاياهم مرهقين، نمرة إثنين أنهم لا يستطعيون أن يحصلوا ضرائب لأن مصداقية تحصيلهم للضرائب قلّت، ضاعت، بتتآكل، والحاجة الثالثة أنه إذا بقي والله فضلة خير من متحصلات ضرائب فهم أيضاً عاوزين يأخذوها. فكلهم مترددين في قبول دعوة الإمبراطور ملك الملوك وسيد الأمراء إلى آخره، لكنهم لا يستطيعون أن يعصوا له أمراً لأنه مع ظروف مشروعيتهم في أوطانهم كلهم مضطرين، مع الأسف الشديد وهذا ما يحدث بمراحل كتير قوي في التاريخ أنه عندما تقل شرعية الداخل تلجأ بعض عناصره إلى الخارج لكي تستزيد قوة تواجه بها المشاكل المترتبة على نقص الشرعية. فكلهم لا يستطيعون أن يأبوا لكنهم كلهم يذهبون، عاملين إيه؟ كلهم يذهبون ويحاولون أن يتواروا، يبتعدوا. الصور اللي عادة، في الصور اللي بتطلع لمؤتمرات عربية أو يشارك فيها العرب على أي حال، في تسابق على الظهور في الصور، هذه المرة في هرب من بؤرة الصورة. في كل مرة عادة يبدو وكأن كل طرف موجود يحاول أن يبدو فخوراً بما يفعله، أنا لا أظن أن أي واحد من اللي كانوا موجودين في أنابوليس، وأنا لا أستثني أحداً، كان سعيدا بما يفعله أو سعيدا بمكان وجوده، هم برضه مش راضيين ينسوا، كان Parole هذا أنابوليس جنب أي صفات أخرى، وجنب السمك وجنب اللاغوست وجنب اللي هم عاوزينه كله واللي شافوه في أنابوليس وانبسطوا به كلهم، هذا كان معسكر للأسرى الجرحى من جيش الجنوب يرجعوا إليه لكي يتعالجوا ولكي يفكروا ويعدلوا عما كانوا فيه ولكي يتوبوا ولكي يستسلموا، لكن أنا بعرف أن الإسرائيليين على سبيل المثال، قصدوا أن يكون هذا الاجتماع في العيد الستين للدولة، قرب العيد الستين للدولة، وقصد به أن يكون أيضاً قرب زيارة القدس، وقصد وقصد.. المعاني الرمزية مرات لا تغيب عن بعض الناس لأنها تحمل دلالات التاريخ، تلقي بشحنات التاريخ إلى قلب الحاضر. لكن هذا المشهد، مشهد الإمبراطور، ومندوبي الملوك أو الملوك الموجودين والذين يتاورون والمطالَبين بأكثر مما يستطيعون أن يقدموه أنا أعتقد أنه كان مشهد ممكن قوي كنت أشوفه في بقايا إمبراطوريات المغول وأشوفه في بقايا إمبراطورية الفرس وفي بقايا الخلافة الإسلامية في العصر العباسي الثاني والإمبراطورية تنهار، لكنه مشهد دال جدا، وهو يستحق التأمل لأنه مفتاحي إلى الكلام عن الأمن القومي العربي. قدامي في الصورة في أنابوليس، وهذا ليس حديثا في الجاري الراهن، هو حديث في المتدفق، في التاريخ، في الحادث والمتمثل والمؤثر على المستقبل، لكنه جاي من ماضي سبق، لأنه لم تحدث، أنابوليس لم تحدث كده فجأة، وعلينا أن نتمثل ماذا قاد إلى هذا اللقاء، لا أظنه يشرف أحدا على الأقل من العرب. في أنابوليس، قدامي كان في أنابوليس في ثلاث نظريات أمن، مش تتصارع، تتحرك، في نظرية أمن أميركية تتحرك قدامي في أنابوليس، نظرية الأمن الأميركية أشمل كثير قوي من قضية الشرق الأوسط، لكن في لحظة تنازل القوى الأميركية وفي لحظة تراجع القوى الأميركية أمسكت الولايات المتحدة بمصائر الشرق الأوسط وبموارده ومقدارته وحاولت أن تقول للعالم كله وفي أنابوليس وقدامنا إن هذا الموقع وهذه الموارد هي موجودة عندنا ونحن نصرف أمورها وعليكم أن تتحدثوا فيها في شأنها، والعالم الجالس اللي كانوا موجودين أو ممثلي العالم رايحين، لا يناصرون قضايا السلام ولا يناصرون قضايا الحرب والأمن القومي العربي والحق الفلسطيني ولا مستقبل السلام في الشرق الأوسط، لكن رايحين يشاهدوا ويتابعوا لحظة من التحول العالمي في مسار القوة وفي مسار السيطرة على شؤون العالم وقوة عظمى تمكنت لفترة من الفترات ثم اكتشفت أنها لا تستطيع احتكار العالم ولا تستطيع السيطرة عليه ولا تستطيع أن تفرض عليه نظاما أميركيا واحدا ولا سلاما أميركيا واحدا، وبالتالي في آخر المطاف أمسكت بمنطقة معينة مهمة جدا للعالم بمواردها مهمة جدا للعالم بموقعها، واعتبرتها رهينة في يدها تساوم عليها وتتحدث عنها وتتولى السيطرة على أمورها، ثم تقول لأطرافها عندكم نزاعات محلية تفضلوا تكلموا فيها تحت ستاري وتحت ولايتي وحدها وتحت وصايتي وهذه هي حدودي، والمصيبة أننا قبلنا منها هذا وذهبنا. ليست لدي ولا لدى أي أحد إطلاقا أية، زي ما بيقولوا Tangibles أي مواد حقيقية أو أي رواسي حقيقية أو أي مفاتيح حقيقية يستطيع أن يدرك بها أو يتصرف على أساسها بما هو قادم. قدامي، كل اللي أدّوه الأميركان قدامي، قدامي أولاً حاجة اسمها رؤية بوش، وأنا مش عارف إيه يعني رؤية بوش، وقدامي حاجة سموها خريطة الطريق وأنا عارف أنها جاءت لأنبلير وهو ينصح، رئيس وزراء بريطانيا السابق يعني، وهو ينصح الرئيس بوش بأن العرب يحتاجون إلى شيء قبل أن نأخذهم معنا إلى حرب في العراق لا بد أن نعطيهم شيئاً للقضية المركزية التي يهتمون بها وهي قضية فلسطين، وبالتالي ولأنه ما عندوش حاجة فطلّع مسألة اسمها خريطة الطريق. نبدأ، خريطة الطريق ليس فيها شيء محدد غير أن الإسرائيليين يطلعوا من بعض المواقع، وطلعوا من غزة على أي حال، يسيبوا الحتت اللي فيها مشاكل، المناطق اللي فيها مشاكل، ثم على منظمة التحرير الفلسطينية أن تتولى تصفية ما يسمى بقواعد الإرهاب والكلام ده كله، وبعدين نبدأ مفاوضات. فخريطة الطريق أخرى زي رؤية بوش ليس فيها شيء محدد، ما فيش حاجة محددة. وبعدين دخلنا النهارده في حاجة تانية، اسمها إيه؟ أفق، أفق كوندليزا رايس، على عيني وراسي، لكن الأفق، يعني إيه أفق؟ لا أنا فاهم رؤية بوش ولا أنا فاهم يعني إيه أفق ولا أنا فاهم يعني إيه خريطة الطريق! وأمامي عندما يُطلب مني شيء، يُطلب مني أن أحدد بالتحديد ماذا أستطيع أن أتنازل عنه، وعندما أعطى شيء أعطى لوغاريتمات، أعطى Metaphysics، أعطى غيبيات خريطة الطريق، رؤية بوش، أفق كوندليزا رايس، مع احترامي لها يعني، لكن هذا كله كلام لا يصنع أمن قومي عربي. لكن على حال نظرية الأمن الأميركية قدامي متمثلة في أن الولايات المتحدة الأميركية لا تصنع سلاما في أنابوليس لكنها تحاول تهدئة منطقة للإمساك بها لكي تسيطر تماما وتنفرد بالسيطرة على مواردها وعلى مواقعها، ثم هي جزء من اللعبة العالمية، فدي أول نظرية أمن رأيتها في الممارسة في أنابوليس وقد تجلّت في التصرفات اللي عمّال يقوم فيها الأميركان. الحاجة الثانية، كان في نظرية أمن إسرائيلية تتحرك، وهي أيضاً مأزومة، إذا كانت نظرية الأمن الأميركية تتحرك نتيجة للتراجع إلى موقع تتمسك فيه بغنائم لكي تساوم بها آخرين، فأنا أظن أن الإسرائيليين الذين ذهبوا والذين رأيناهم، نحن رأينا في الأولى في حالة الأميركية هناك نظرية أمن تجاوزت حدود القوة، أفرطت في تصورات السيطرة، وبالتالي دخلت في أزمة لأن العالم أكبر من أي دولة فيه ببساطة كده، مهما كانت قيمتها. الحاجة الثانية أن إسرائيل، أظن، إسرائيل التي رأيتها في المؤتمر أظنها دخلت هي الأخرى في مأزق، أميركا مأزومة لكن إسرائيل في مأزق، لأنه ببساطة كده حلم المشروع الصهيوني فقد روحه. الرجل اللي راح قدامي وهو أولمرت، هو رئيس وزراء مؤقت جاء بالمصادفة بعد رئيس سابق لا يزال نائما في المستشفى في Coma، يعني ربنا يشفيه يعني لأنه إنسان قبل أي حاجة ثانية، لكن هذا وضع إسرائيلي قلق إلى درجة أن أولمرت ذهب ومعه إثنين من وريثيه أو منتظري وراثته، وزيرة خارجيته ليفني ووزير دفاعه باراك رئيس حزب العمل، وهو يذهب متوجساً لأن المشروع الإسرائيلي تجاوز جدا في طلباته وأغراه نجاحه وأغراه تراجع المشروع القومي العربي وأغراه أن العرب في هذه اللحظة من تاريخهم بيتخبطوا على أقل تقدير، وهذا تعبير مؤدب جدا. لكن إسرائيل زادت من طلباتها، ومع زيادة التراجع العربي أفرطت بقسوة وتحولت.. وأنا أقول القوة، باستمرار، القوة دون بقاء حلم إنساني.. لأنه أنا كنت مستعد أقول مع كثير قوي من الصهيونيين، أفهمهم لما يقولوا والله اليهود عندهم حق، طيب حاضر عندهم حق، وأنهم يجوا في فلسطين، آه والله طيب حاضر طيب، وقبلنا التقسيم، كل الناس قبلت التقسيم حاضر، لكن أنا أمام مشروع يريد أن يلغي، لا يستطيع أن يجد أمانه إلا في إلغاء فلسطين في الكامل. بالضبط كده، وأنا أظن تقريباً أن كارتر قالها، الرئيس الأميركي كارتر في كتاب له عن السلام وعن تجربته في السلام وهو من الناس اللي قاربوا جدا موضوع هذا السلام، تكلم بوضوح وقال، حتى عنوان كتابه ده، استعمل كلمة Apartheid تمييز عنصري، نحن أمام دولة تمييز عنصري لا تستطيع أن تقبل الآخر، لا تستطيع، مع أني ما بحبش كلمة الآخر أبدا يعني، لكن لا تستطيع أن تقبل إلا سيطرة كاملة على الأرض، لأنه وجود أي شيء آخر يخالفها هذا يلغي وجودها.
غيره
أنا قرأت تقارير في القدس، مدينة القدس، في باصات، في عربيات مخصصة للفلسطينيين فقط ما يقدروش يركبوا في عربيات اليهود، والعذر اللي قالوه أنه والله نخشى أن يكون بينهم إرهابي، فالنهارده وصل بنا التمييز العنصري الإسرائيلي في القدس إلى أنه زي جنوب أفريقيا بقى في وسائل نقل للسود الفلسطينيين وفي وسائل نقل للبيض الإسرائيليين، وهو يعني كلام غير معقول. لكن في الحاصل أن دولة إسرائيل، مع تقديري الشديد لكل اللي ممكن يقولوه أصدقاؤها وأصحابها، فقدت ما كان لها من روح. أنا شفت نظرية الأمن الإسرائيلية في أولها وشفت كيف يمكن أن.. فكرة إنشاء وطن قومي، وأنا فاكر وحضرت أنا مرات في سنة 1948 الجيش الأردني دخل مستعمرة إسرائيلية اسمها مشمار هايردن جنب الخليل، وأخذوا حوالي 200 أسير وبدؤوا يستجوبونهم، وإذا بجميع الأسرى أولاد وبنات يستجوَبون، اسمك إيه؟ يقول له منين ما ولدت، ابن هذه الأرض. إنت جاي منين؟ يقول لك منين ما ولدت، من هذه الأرض. وأنا قعدت شفت.. لكن هنا كان في وقتها حلم، ناس بيتكلموا على دولة محددة في حدود معينة في تصور إنشاء دولة، لكن الضعف العربي أغراهم فتجاوزوا نظرية الأمن الإسرائيلية وبدؤوا يتصرفون بأكثر من حدودهم وإلى درجة أغضبت وبدأت النهارده تحس بها دوائر صهيونية ويهودية كثيرة جداً في أوروبا وفي أميركا، وبعدين يعني نشوف كتب طالعة في أميركا عن اللوبي، عن جماعات الضغط الإسرائيلية في أميركا، وأن ده كلام ما بقاش ممكن، والكتب اللي بتطلع في هارفارد، وفينكيلشتاين اللي مطلّع كتاب في الآخر، ولو أنه أنا بلاقي بيتكلم فيه على Beyond Chutzpah بيتكلم على ما بعد البلوغ، عنوان الكتاب كده، وهذا واحد من داخل إسرائيل تقريباً بيطالب إسرائيل أنها تصل إلى سن البلوغ. لكن الرجل قائل في كتابه حكمة هائلة قوي، قائل إنه، مع الأسف الشديد، إن النظم العربية قبلت من أميركا أن توظفها في استعمال الحقوق الفلسطينية لخدمة الأمن القومي الإسرائيلي أو الأمن الوطني الإسرائيلي. وهذا أنا بلاقيه مش بس جارح، بلاقيه قاتل تقريبا يعني. لأنه أنا مستعد أقبل أن أي أحد يتفاوض وأي أحد يتكلم، لكن ما فيش حد بينكسر إلى هذه الدرجة، هذا غير مقبول، خصوصا لو كنا بنتكلم على نظريات أمن قومي عربي. حأرجع تاني إلى موضوع الأمن القومي العربي لأن هي دي النظرية الثالثة اللي كانت موجودة قدامي في صور أنابوليس، عندي الصورة الأولى صورة المأزوم، الإمبراطور المأزوم المستدعي لملوكه وعماله على الأقاليم ورايحين له كلهم، لا يقدروا يرفضوا ولا عاوزين يروحوا ولا عاوزين يظهروا في الصورة وحالتهم بائسة يعني، مع أنهم يعني كلهم متجبرين علينا يعني، لكن راحوا هناك كلهم، لم يتخلف أحد ولم يأخذ أحد ضمانات. قصارى ما استطعنا أن نقول عنه من ضمانات، مع الأسف الشديد، وهو رجل أنا أقدره، اللي قاله الأمير سعود الفيصل، لما قال والله عندنا تطمينات من أميركا. الغريبة جدا أن كلمة تطمينات هي نفس الكلمة اللي قالها الرئيس روزفلت سنة 1944 للملك عبد العزيز آل سعود وهو يقول له إن أميركا والله لن تنحاز لإسرائيل ولكم أن تطمئنوا إلينا. فالملك عبد العزيز بعث للرؤساء العرب يقول لهم والله عندنا تطمينات من أميركا، ومرت من 1944 إلى غاية إحنا النهارده في 2008، ما أعرفش كام سنة يعني. لكن كلمة تطمينات، ساعة ما سمعت أنا كلمة تطمينات، أنه والله عندنا تطمينات من أميركا، رغم كل احترامي للأمير سعود الفيصل، أنا جفلت والله، يعني قلقت جدا مش على اللي فات لكن قلقت على اللي جاي، إذا بدأنا صفحة المستقبل بتطمينات أميركية إذا فنحن في خطر. أجي للمشروع الثالث، نظرية الأمن الثالثة اللي كانت موجودة تتصارع أو تتحرك في أنابوليس إذا ما كانش في صراع، في نظرية أمن أميركية، في نظرية أمن إسرائيلية، وفي نظرية أمن عربية. نظرية الأمن العربية أنا أعتقد أنها كانت.. إذا كانت الأولى الأميركية بتعكس أزمة والإسرائيلية بتعكس مأزق، فأنا أعتقد أن نظرية الأمن العربية كانت بتعكس عجز كامل، كامل عن.. أنا ده بتكلم عليه للجاي مش للي فات ولا للماضي، ولكن وأنا بتعرض للعرب والحرب وما جرى لهم في قصة الحرب والسلام طوال السنين اللي فاتت من سنة 1956 لغاية هذا اليوم، فأنا حقيقة أشعر أن الصورة التي بدا بها العرب إذا استمرينا بهذا الشكل واستكملت صورة أنابوليس تأثيرها على المستقبل وأصبحت ممثلة له أو دالة عليه، فهذه الأمة، أبسط حاجة أقولها، أنها وصلت إلى نهاية المطاف في مرحلة معينة. كلاوس فيتز، وهو أستاذ علوم الحرب الأكبر، وإحنا هنا قريبين من الحرب والسلام وبنتكلم عن الحرب وبنتكلم عن القتال كمشهد من مشاهد الحرب، بفتكر كلاوس فيتز وبفتكر كلامه عن الحرب، بيقول إيه عن الحرب؟ بيقول نهاية الحرب ليست أن نرغم عدو على أن يتراجع، على أن يسلم سلاحه، ليست أن نرغم عدو على أن يخلي مواقع يحتلها، ولكنها تتعلق بنزع سلاحه، لا بد أن ننزع سلاحه، سلاحه العسكري وسلاحه الاقتصادي وسلاحه المعنوي وسلاحه الفكري وسلاحه الثقافي، بمعنى أنك تخلي العدو تقريبا في حالة تجريد من السلاح، في حالة نزع سلاح كامل، ثم تراقب نزع السلاح الكامل ده تتأكد من أنه لم يحدث. لأنه في تعريف كلاوس فيتز إذا كان الأمر بالنسبة لنا أنه إحنا نكسر السلاح الموجود، أولاً إحنا لا نستطيع أن نبيد شعب، طالما هناك شعب موجود فأي شعب في الدنيا قادر على أن يعيد تسليح نفسه وأن يجهز نفسه. الشعب الألماني عملها، الشعب الألماني دخل في مشروع الرايخ الأول مع فريدريك الأكبر، دخل في الرايخ الثاني بعد بسمارك، ودخل في الرايخ الثالث بعد هتلر أو وقت هتلر يعني، وكل هذه المشروعات تستهدف سيادة ألمانيا في قلب أوروبا، وهي كلها الأولى والثانية والثالثة ضربوا ألمانيا وكسروا الجيش الألماني، لكنهم لم يستطيعوا انتزاع الشعب الألماني ولا قدراته ولا إمكانية أن يعود بجيش مرة أخرى، وقد كان هُزم وهُزم وهُزم لكنه عاد كل مرة بجيش أقوى مما كان وهُزمت الجيوش. لكن في الآخر أدرك الشعب الألماني حاجة ثانية وهي أنه يستطيع أن يعود إلى مشروع الرايخ ولكن بالمارك. شرويدر قال لي من أربع، خمس سنين، كان مستشار ألمانيا وقتها، قال لي أكشط اليورو، أكشط صفحة اليورو حتلاقي تحته المارك. أنا أخشى وخشيتي الدائمة أنه بعد سنوات طويلة جداً من تجربة الحرب والسلام، بعد سنوات طويلة جداً إحنا أضعنا خطوط نظرية أمن قومي كان يمكن أن تكون صالحة، لأننا خالفناها في كل مرحلة وفي كل تصرف ووصلنا في الآخر إلى هذه الصورة. عايز أقول أنه لما حد يبقى عند نظرية أمن، يعني إيه هي نظرية الأمن؟ أنا شرحت نظرية الأمن، جوهر نظرية الأمن. لكن في أولاً هدف مطلوب لأمة معينة، الهدف المطلوب لأمة معينة أنا أتصور أنه لا يمكن يكون هدف عند أي حد، فرد، عائلة، أمة، إلا أنها أن تعيش في أمن، أن تتقدم، وأن تشعر أنها فاهمة عارفة لعالمها وتعرف كيف تتعامل معه. إحنا، أظن وقت من الأوقات وإحنا بنتكلم، أظن كنا بنتكلم عن أمة عربية واحدة، كنا بنتكلم على أمة عربية واحدة بصرف النظر عن شكل ما تستطيع هذه الأمة العربية الواحدة أن تنظم به حياتها، عاوزة تعملها جامعة عربية وقد فعلتها وما عملتهاش مع جمال عبد الناصر، عملتها مع مصطفى النحاس ومع الملك فاروق. وحتى من قبل ده كان في رؤية باستمرار طول التاريخ، من أول رمسيس الثاني، زي ما قلت، لغاية قريب قوي، كان في رؤية أن الأمن القومي المصري متصل بالشام، وأن هناك الأمن القومي العربي الشام متصلة بشكل ما بالعراق، والعراق موجود، متصل بمنطقة الخليج وما بينهما في شبه الجزيرة العربية وفي السعودية، وأنه هذا والله هو نطاق الأمن القومي العربي وبحاره موجودة قدامه، وحدوده فيها مفهومة فين، وعلى أي حال في نطاق الأمن القومي وفي فهم على أقل تقدير لأنه هو ده مجال ما نستطيع أن نتصور أمن قومي ومجال ما نستطيع أن نتحرك فيه وأن نفعل فيه، وأنه بصرف النظر عن النجاح والفشل، هذا ما حدش يقدر يقول له لا بيتي أنا مش عاجبني النهارده فسأهده، لا ما ينفعش. فاللي حصل بالضبط كده تقريبا، أنه إحنا الشكل أو الإطار اللي ممكن، هدف ممكن تحقيقه وهو صالح مشترك وأمن مشترك لمجموعة معينة من الأمم تربطها روابط ، شعوب تربطها روابط كاملة من اللغة والدين والثقافة والاتصال الجغرافي والأمن وإلى آخره، أنا أظن أنه إحنا ما عجبناش البيت في لحظة من اللحظات فقررنا هدمه وأنه كل واحد يروح لوحده وهذه كانت أول جريمة إحنا عملناها في الأمن القومي. الحاجة الثانية أن الإدراك الكامل لما هي حدود الموقع؟ ما هي الحدود التي يمكن أن يكون فيها هناك أمن قومي عربي وأنا أستطيع أن أضمنه؟ ما فيش أمن قومي ممكن يبقى خارج نطاق سلامتي، أنا لا أستطيع أن أكون مسؤولا عن العالم، أميركا ممكن تقول إنها مسؤولة عن العالم، الاتحاد السوفياتي وأميركا لما كانوا بيتخانقوا مع بعض ممكن يقولوا والله إحنا العالم هو ساحة صراعنا، أما أنا عندي حدود معينة للأمن القومي العربي، من حسن الحظ حدودها واضحة جدا. في الشمال في الحزام الشمالي في تركيا وفي إيران وفي باكستان، فحدودي هي ملامسة، ما يلامس هذه المناطق تقريباً، ده في البر الشرقي. عاوز أسأل، هنا في مسألة مهمة جدا، حينما أقول أن هذه هي حدودي في الشمال وفي الشرق أنا مطالب أن أصون أمني داخلها وأن أحتفظ بأقصى درجة من ودية الجوار بجانبها، وأن أتأكد من أنه لدي وسيلة للحوار، وسيلة للتأثير، وسيلة لتبادل المنافع مع هذا الحزام، لأن هذا هو لا ينبغي أن أجعله فاصل بيني وبين العالم، أجعله جسر بيني وبين ثقافات أخرى وراءه، يعني إيران على سبيل المثال هي مدخلي إلى ثقافة شبه الجزيرة الهندية وإلى الشرق الأقصى إلى مداه إلى المحيط الهادي. إذاً أمن قومي أنا عارف له حدود، حدوده في الشمال هي في الحزام الشمالي، ماذا فعلت في الحزام الشمالي؟ ليست هناك سياسة، وليست هناك إستراتيجية وليس هناك أمن قومي يتولى بنفسه هزيمة أهدافه ولا أعلم مثيل لذلك في التاريخ بمقدار ما عملنا إحنا. بسأل عملنا إيه في إيران؟ بسأل عملنا إيه في باكستان؟ باكستان في أحوالها النهارده، أنا أعتقد، أن العرب والمسلمين إلى حد كبير جدا مسؤولين عن تفكك هذه الدولة الإسلامية. من الأول في عناصر تناقض، لكن إحنا تصورنا أن هناك دعوى جهاد ضد الشيوعية الدولية. ما هو في عنصر من عناصر الأمن القومي تالي لتحديد مجالي، زي ما بقول فين حدود أمني القومي في جزء مهم جدا وهو ما هي أهدافي بالتحديد؟ أنا عاوز إيه بالتحديد؟ ما هي مطالبي بالتحديد؟ ما هو مصدر التهديد علي بالتحديد؟ على وجه اليقين في ذلك الوقت، الاتحاد السوفياتي ما كانش هو مصدر التهديد علي، بالعكس ده كان مصدر السلاح، وهم الناس اللي استعملنا علاقاتنا معهم علشان نعقد صفقات كبرى زي السد العالي، لكن إحنا رحنا واعتبرنا أن الشيوعية الدولية الموجودة في الاتحاد السوفياتي هي عدونا وأننا يجب أن نحاربه، وسبنا هذه الكارثة في قلب العالم العربي وذهبنا نحارب الاتحاد السوفياتي. طيب، لكن عملنا حاجة مهمة قوي، أنه إحنا أسقطنا أو كسرنا أو أصبنا العمود الفقري لبلد زي باكستان. بعد شوية كنا بنحارب إيران، إيه، بنعمل إيه؟ هنا، لما ألاقي رجل زي فينكيلشتاين بيقول إن الأميركان استعملوا النظم العربية لتوظيف الحقوق الفلسطينية لخدمة الأمن الإسرائيلي، ألاقي أنه إحنا نفس الشيء تقريبا سواء في باكستان في الحرب غير المفهومة مع الاتحاد السوفياتي وفي الحرب غير المفهومة مع إيران، بمقولة إن إسرائيل لم تعد خطرا لكن الخطر -حاجة غريبة قوي- الخطر بقى الشيعة! وبعدين إحنا بقينا موجودين في أنابوليس، باختصار ما تعهدنا به في أنابوليس على كل ألسنة العرب الموجودين من ملوك الإمبراطور وعمال الإمبراطور ونواب الإمبراطور هو أننا سوف نحارب الإرهاب، دون أن ندري ونحن نتحدث عن هذا أنه هذا كلام يقصد به عروبة تحارب إسلام وعرب مسلمين يحاربوا سنة أو شيعة مسلمين أو سنة مسلمين، وتعصب. أنا أول من يرى كمية التعصب الموجودة عند بعض الجماعات اللي دُفعت إلى الحافة واللي وضعت في موقف يائس لأسباب كثير قوي، واللي دخلت ترى في الخلاص أن الخلاص هو في الانقضاض على ما هو قائم وتكسيره، إلى آخره هذا كله والجهاد والكلام ده كله. لكن أنا هنا وأنا بتكلم عن الإرهاب ناسي أنه ما هو مطلوب مني أن عروبة تحارب إسلام وإسلام يحارب عروبة، وعرب مسلمين يحاربون عرب غير مسلمين ومسلمين، ومسيحيي العالم العربي أنا أعتقد أنهم واقفين في هذا كله في موقف توجس. لكن أنا واخد العالم العربي كله هو أبعد ما يكون عن أمن قومي، أي تعريف للأمن القومي، لا هو تعريف مجال الأمن القومي، ولا تعريف هدف الأمن القومي ولا تعريف مطالب الأمن القومي، نفس الشيء اللي عملناه في الشمال هو نفس الشيء اللي عملناه في الجنوب. أنا لا أعلم حتى هذه اللحظة ما هي دواعي الأمن القومي التي تفرض علي إذا قام نظام أنا لا أرضى عنه في أثيوبيا على سبيل المثال منغستو ميلا ميريام، لما قام نظام منغستو ميلا ميريام ، لا أفهم لماذا أحرض عليه الصومال؟! ثم تنتهي بحرب أهلية في القرن الإفريقي ثم حروب بين أثيوبيا والصومال، ثم ألاقي في النهاية أن دولة الصومال، اللي أنا بقول أنها من الجامعة العربية، بتتآكل وبتقع فريسة للفوضى ولفوضى شاملة نحن صنعناها، نحن صنعناها بأي نظرية أمن قومي أنا ما أعرفش؟!
اللى بعده
أنا فاكر مرة، أو مش مرة كذا مرة، أنه إحنا في السودان، ما حدش يختلف معي أن محور الأمن المصري الذي يجيء منه المياه هو محور بالغ الأهمية كلنا تتفق على هذا، ولا يختلف معي أحد في أن هذا محور لا نستطيع أن نقاتل عليه، لحماية مصالحنا إذا اقتضى الأمر، وإذا فلا بد من سياسة دبلوماسية نشيطة توجهنا، لكن السياسة الدبلوماسية النشيطة لا تتأتى ببعض الحاجات اللي أنا شفتها. جعفر النميري، في نظام الرئيس جعفر النميري السوداني بيختلف مع المهدية، مع الإمام المهدي وقتها. أنا لا أفهم لماذ نفكر في الجزيرة آبا، جزيرة آبا بالطيارات؟! ولولا معجزة لكان الضرب، والتوصية التي جاءت من الخرطوم في ذلك الوقت بالضرب. وأنا أذكر أن جمال عبد الناصر سألني في هذا الموضوع يوم، وهذا موضوع مسجل في سجلات الرئاسة وهو موجود يستطيع أي حد أن يقرأه، وأنا حاسس تردده، ببقول لي مطلوب مننا مساعدة جعفر النميري أن نوجه ضربة بالجو للجزيرة وأنا متردد. وأنا فاكر، قلت له سيادة الرئيس ولا، أنا وقتها ما كنتش بقول له سيادة الرئيس كنا يعني كان في بينا العلاقات أكثر من كده، لكن قلت له يا أفندم أنا لا أتصور أن تسقط قنبلة من طائرة مصرية على الجزيرة آبا وأن يموت، يُقتل سوداني مهدي أو غير مهدي، جعفر النميري يقدر يتخانق مع المهدية زي ما هو عايز، لكن أنا ما ليش دخل في ده. لا أستطيع أن أفهم لماذا يحدث، مثلا على سبيل المثال، صراع أو خلاف بين جنوب وشمال في وقت حكومة الرئيس البشير، فإذا دول عربية تتبرع أنها تدّي أسلحة لجيش الجنوب لإحراج نظام البشير في الخرطوم! أنا لا أفهم أمن قومي يدار بهذه الطريقة، لا أفهم.. أنا عاوز أساعد الجنوب طبعا، جنوب السودان، وعاوز أحفظ وحدة السودان قدر ما أستطيع، ولو أني أتفهم أن هناك ضرورات لنوع من الاستقلال أياً كان شكله، ونوع من حق تقرير المصير أياً كان شكله للجنوب، لجنوب السودان، لأنه.. أنا اتكلمت مرة قبل كده وقلت أن السودان في واقع الأمر أربعة سودان، وأنا مستعد قوي أي ترتيب فيدرالي أي.. لكن لا بد أن أتفهم دواعي... لكن لا يتأتى إطلاقا أن أحافظ على الأمن القومي العربي وأن حتى أجعله يتماسك بشكل ما وأن تكون له رؤية فيه، ثم أتصور أنني أذهب فأعطي أسلحة كثيرة قوي لجيش الجنوب علشان يضرب البشير، لأنه في نظام البشير قال والله في اتجاهات إسلامية. عاوزين هنا، الأمن القومي العربي المتبدي لي واللي انتهى به المطاف إلى هذا المشهد المهين في أنابوليس، عايز أفهم ما هي دواعيه؟ في السودان، إذا كان في استطاعنا أن إحنا نظام البشير مع قرنق، وأنا قعدت ساعات مع قرنق أتكلم معه إذا كان في استطاعتنا أن نفعل شيء نفعله، وفي قدرتنا أن نفعل شيء لو كنا بنعمل سياسة نشيطة، لو كان بينا القدر، أقل قدر أو القدر المعقول من هيبة ومن نفوذ، لأن أمن الدول بمقدار ما هو مرتبط بسلاحها ومرتبط بقوتها وبقواها الذاتية وبعناصرها الثقافية وبقوتها الناعمة وبقوتها الصلبة وكل اللي عاوزين نقوله، مرتبط في النهاية بتأثيرها المعنوي. كل دولة داخل حدودها تستطيع أن تفعل ما تشاء، لكن معيار تأثير الدول هو هيبتها ونفوذها الأدبي والتأثير البعيد لقوتها الناعمة خارج حدود سلطتها وخارج حدود ولايتها، وهناك اختبارها الحقيقي. لكن لما تبقى المسائل أنه أنا والله أتدخل بهذه الطريقة ولأهداف أنا لا أراها، يعني الأمن القومي العربي.. على سبيل المثال. أرجع تاني للي كنا بنتكلم فيه، أنا عارف أنه في احتكاكات من أيام الدولة الصفوية ما بين الخلافة العثمانية وما بين إيران، وأنا مستعد أفهم أنه والله الخلافات التي حدثت في صدر الإسلام تركت تأثيرا وفي سنة وفي شيعة، مستعد أفهم، لكن لما ألاقي أنا أن الخميني لما يقول لي في باريس وإحنا قاعدين على الدوشق في الأرض في نوفلو شاتو ويقول لي، أنا أول ما سوف أفعله أن أدخل اللغة العربية إلى مناهج الدراسة الإيرانية كلغة ثانية بعد اللغة الإيرانية وأعتبر أن ده ضروري جدا لفهم الإسلام. أنا هذا لا أحاربه أنا هذا أشجعه. أنا لا أفهم وحتى بعض... أنا أشرت المرة اللي فاتت للي قاله لي السيد جلال الطالباني رئيس جمهورية العراق الحالي، وقاله لي مستشاره للأمن القومي وقاله لي مدير الرئاسة في العراق، قال لي، أستاذ هيكل أنت شايفك بتتكلم عن العراق. قلت يا أفندم أرجوك ترجع إلى كتاب أنا كاتبه اسمه "إيران فوق بركان"، هذا كتاب ظهر سنة 1950، في تغطية ثورة مصدق الأولى. أنا في مقدمته كاتب إن هذه المنطقة كلها، بما فيها إيران، بمعنى منطقة واحدة وأمنها واحد وحدودها متقاربة ومصالحها وأمنها متقارب ولا بد أن تجد صلة التعاون. الملك فاروق، بلاش جمال عبد الناصر، الملك فاروق راح جوّز أخته لشاه إيران في اعتبار أنه، في لحظة من اللحظات، لما كان في لسه في تأثير الساسة المصريين اللي من وزن علي ماهر ومن وزن عبد الرحمن عزام وإلى آخره، واللي شافوا ضرورة اتجاه مصر للشرق، وجوّزوا أخت الملك لشاه إيران القادم، هنا كان في رؤية لأمن قومي مصري موجود. أنا لا أفهم أنه بعد مليون سنة أو بعد خمسين سنة، ستين سنة، سبعين سنة، إحنا جايين نقاتل إيران بدعاوى أنا لا أزال مش فاهمها. بقى هو بيقول لي إيه؟ بيقول لي.. قلت له أنا هذا موقفي طول الوقت، وأنا أرى أن إيران والحزام الشمالي تركيا وباكستان هي الحزام الشمالي المحيط بالعالم العربي من الشمال، وعلينا أن نكون واعين ومتنبهين له جدا، هذه قضية.. وإذا كانت في مواريث سواء من الشيعة، الخلاف الشيعي السني القديم، وإذا كان في مواريث من الخلافات المستجدة في شأن العراق، في الدولة الصفوية وأنه في احتكاكات ورجعت تتجدد سنة شيعة بالدولة الصفوية، فالدولة الصفوية راحت والخلافة العثمانية راحت. ونحن هنا أمام حقائق الجغرافيا والتاريخ الباقية والثابتة، وحتى لو كان في رواسب موجودة تجاه إيران فعلى بقية الدول العربية أن تحاول، الدول العربية وهي تحرص على حزامها الشمالي، أن تحاول حل هذا الإشكال، لكن ليس بالحرب، ليس بتحريض صدام حسين يدخل في حرب ضد إيران، ثم ليس باستغلال مشهد مأساوي وهو مشهد إعدام صدام حسين، وأنه في واحد من إخواننا الشيعة قال مقتدى مقتدى ومشهد الإعدام بيحصل، فتستبدل الصور مباشرة، وتتشال إسرائيل ونحط الشيعة، ده كلام! من ضرورات الأمن القومي، في نظرية الأمن القومي بديهة تائهة وتقريبا تكاد تنزع سلاحها بالكامل في أنابوليس، منها تحديد من هو العدو، تحديد ما هو.. مين العدو؟ وعلى فرض أنه في عدو، ما هي أولويات العداء؟ فين الأولويات؟ لكن نحن منساقون بشكل أو آخر فيما لا نعرف. حتى لما مرات أقول أنه في أنظمة تغلّب مصالحها، أمنها هي على مصالح شعوبها، أنا لا أرى.. مع أني مبدئيا أرى أنه ليس هناك نظام يمكن أن ينفصل أمنه عن أمن شعبه وإلا فقد شرعيته، ومع ذلك أنا مستعد.. أحد يقول لي ما هي المصلحة الحقيقية في أن ينتهي العالم العربي بمسلمين بيحاربوا مسلمين، وبعرب بيحاربوا عرب، عرب مسلمين بيحاربوا مسلمين عرب، تقريبا كده، وهذه هي قضية مكافحة الإرهاب. ثم علي أن أنظر إلى موضوع مكافحة الإرهاب بشكل جدي يعني. أخيرا أنا كنت في أوكسفورد على سبيل المثال وقعد معي، قعد جنبي لورد باتين رئيس مجلس إدارة أمناء أكسفورد، لورد باتين وراءه تاريخ طويل قوي، وهو كان مفوض في السوق الأوروبية وكان رئيس السوق الأوروبية وبعدين راح حاكم هونغ كونغ وبيتكلم معي وبيقول، بنتكلم في الأوضاع، فبيسألني على مستقبل النزاع وهل تتصور أنه كذا وإلى آخره، وفي ناس آخرين اشتركوا معنا في الحديث، وأنا لا أنسب هذا الكلام للورد باتين. لكن بيقول لي واحد من القاعدين جنبي، بيقول لي إنه كان مع شيمون بيريز في، مع صديقهم العتيد شيمون بيريز العتيد رئيس دولة إسرائيل الحالي، وبيقول له إيه؟ بيقول له في صراع قادم في الشرق الأوسط، لأنه بقى في الشرق الأوسط، في العالم العربي وهو ملحوظ وهو لاحظه وهو ينزل بالطائرة فوق القاهرة، لاحظه جدا، لأنه لاحظ أنه في ملاعب غولف كثيرة قوي حوالين القاهرة ما يسمى بالمنتجعات الحديثة، ولاحظ في جبال من الزبالة جنب عشوائيات، وقال له شيمون بيريز بيقول أنه هو يتصور أن إسرائيل، أمل إسرائيل معلق بملاعب الغولف، التعامل مع أصحاب ملاعب الغولف وليس معلق بالزبالة، بمقالب الزبالة بالعشوائيات. وبيقول أنه إيه؟ بيقول حاجة غريبة قوي، بيقول أنه هنا، مع الأسف الشديد، أكره أقول، إن التدين هنا، مش حيجيب كلمة الإسلام، إن التدين هنا نحن لا نستطيع أن نتعامل معه، لكن ملاعب الغولف هنا فيها التكنولوجيا والتكنولوجيا أقدر على فهمنا، الناس العايشين فيه، والتعامل معنا. وأنا قلت، تدخلت وقلت، قلت للورد باتين وده كان كلامي وهو سمعه مني وكلهم سمعوه مني، قلت لهم في هناك في ناس كثير قوي خايفين على مستقبل الطبقة المتوسطة في العالم العربي بيسألوا أين هي، وأنا بأقول الطبقة المتوسطة موجودة وهي تنمو لكنها غيرت مواقعها، إحنا كنا نبص عليها زمان في مواقع الوظائف، وظائف الحكومة، والقضاء، والتدريس والمدرسين أساتذة الجامعة، وإلى آخره الطبقة المتوسطة، لكنها انتقلت، وشيمون بيريز له حق في جزء معين أنها انتقلت من مواقعها إلى مواقع جديدة، ممكن يكون في قربها مواقع غولف، وممكن تكون بتفهم التكنولوجيا، لكن حتى هذه الطبقة المتوسطة أكثر من سوف يدرك حجم المطلوب للأمن القومي العربي وأن تقف هي وتدافع عنه، أظن بمقدار ما تنمو في مصالحها، بمقدار ما تطمئن، بمقدار ما عندها أمن، بمقدار ما عندها ديمقراطية، بمقدار ما عندها مشاركة، أنا أظن أن الطبقة الوسطى العربية والموجودة قرب ملاعب الغوف والفاهمة للتكنولوجيا سوف تعرف صراع التحدي وصراع الحياة الذي يتمثل بالدرجة الأولى في أمن قومي عربي يعرف أهدافه ويعرف كيف يدير صراعاته ويعرف مصادر التهديد التي يمكن يواجهها، ولكنه على وجه التأكيد ليس أنابوليس. قبل ما أخلص، في محاولة لعمل نظرية طرح نظرية أمن عربي، وأنا أعتقد وأنا أقبل بنفسي أن نناقشها. طرحها الرئيس مبارك وأنا باحترام، باحترام حقيقي يعني، وعاوز أقول حاجة لو لم يكن لدي احترام ما كنت لأناقش، لكن أنا أحترم وأرجو أن الكلام يؤخذ ويؤخذ بصدق، لأنه أنا رجل حتى بالسن لم يعد، ما عنديش حاجة، ما عنديش مصلحة في شيء، ما عنديش هوى. بعض الناس بيقولوا إنه ده والله هيكل بيتكلم كده ده عايز يبقى مستشار، مع تقديري الشديد بلاش ده يعني بلاش. لكن حأشوف نظرية الأمن القومي، الرئيس مبارك بيطرح نظرية أمن قومي، وأنا لازم أقول إنا مختلف ومختلف موضوعيا مع أشياء كثيرة فيها قوي. الرئيس طرح الكلام ده كله في كلامه الأخير في مجلس الشعب بيقول "أمن مصر القومي جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن القومي العربي" أنا مش عارف فين منظومة الأمن العربي! "يرتبط بأمن منطقة الخليج"، عاوز أحدد علاقتي بالخليج لأني أنا أخشى في الخليج من أنه سوف نذهب لمحاربة معارك الآخرين. في خطة أميركية وهي واضحة، هناك محاولات أنه، أميركا حتطلع من العراق، ظهورها في المدن، لكنها سوف تبقى في القواعد وسوف تترك المدن، وقد أدركت أنها لا تستطيع أن تترك المدن لشركات أمن زي بلاك ووتر وغيرها، وهذا لا يمكن أن تُستبدل بلاك ووتر الأميركية لشركات الأمن بشركات أمن عربية، ولا بالدول العربية تعمل بهذا الدور. وأنا يحزنني أنه أقول أنه في واحد، مش حأقول اسمه يعني، لكن في واحد فات علي في مكتبي، عراقي، وقال لي: أستاذ هيكل، في نغمة مصرية، صوت مصري أنا سمعته في العراق وأنا حزين له، أنا بعرف اللهجة المصرية وبعرف الصوت المصري، سمعت الصوت المصري أولا في معلم بيدرس لنا، ثم سمعت الدور المصري في سياسي بيخطابنا، ثم أخيرا سمعت الصوت المصري وعيني مغطاة وهو يستنطقني، يستجوبني. استجوابات شركات، بقيت شركات أو مؤسسات مش عايز أقول فيها إيه، لكن شركات تتولى استجواب الأسرى العراقيين في المعسكرات الأميركية في العراق هذا كلام لا يصح. طبعا هذا برّه تعليقي على كلام الرئيس في نظريته للأمن القومي. وبعدين الخليج والبحر الأحمر والأمن المتوسطي، أنا مستعد أقول أن الأمن المتوسطي ده خارج... كل أمن يرتبط، كل نظرية أمن ترتبط بالوسائل والقدرة والإرادة المتوفرة لتحقيقها، خارج كده ما فيش نظرية أمن، في أحلام. وبعدين في صلته بالقرن الأفريقي ومنطقة البحيرات الأفريقية حيث تنبع منابع النيل، ويرتبط بأمن الطاقة.. الخليج ببساطة كده، لما أقول أمن الخليج علي أن أدرك شيء، وأنا بقولها آسفا، أمن الخليج ليس في يدي، للخليج في هذه اللحظة إله يحميه لكنه مش إحنا بصراحة يعني. لما أقول أمن الخليج أبقى سوف أوظف الأمن العربي في خدمة الأحوال الراهنة، أنا أراها، أمن الخليج أنا عايز أمن الخليج وأتمنى أمن الخليج، لكن أنا لا أعرف أنه في هذه اللحظة وللمستقبل المنظور أنه ممكن يقال لي أنه مستقبل الطاقة في إيدي، حماية أمن الطاقة، هذا فوق إمكانياتي، إلا إذا كنت مستعد أخش في معركة مع الأميركان، وأنا لا يبدو لي أنه إحنا داخلين في معركة مع الأميركان، لا ما احناش! وبعدين الأبعاد الإستراتيجية.. وبعدين هنا بقى المنطقة، "أتطلع لاحتواء مواجهة متصاعدة بين إيران والغرب تنجرف بمنطقة..." يعني إيه احتواء؟ أنا هنا باحترام وبأدب، اللي صاغه خطاب الرئيس أنا بعتقد أنه كان يجب أن يُوضّح لأنه أخشى، مع كل اللي شفته فيما بعد في صور أنابوليس، أخشى أنه نحن مرة أخرى على وشك أن نخطو إلى مجهول. نفسي أقول، وأنا بتكلم الشأن الجاري ليس هو موضوعي هذه المرة ولا في هذه الحلقات، لكن الشأن الجاري هو السلام والحرب في العالم العربي. وأعود فأكرر مرة أخرى أنه ما هو أخطر في العالم العربي هو ما هو قادم وليس ما مضى، وأنا آسف أن يبدو وأنا بتكلم حتى على.. وأنا أنوي أن أسترجع كل ما فات لأنه مهم جدا في معرفة كيف وصلنا إلى ما وصنا إليه، أنوي أن أتكلم في الأمن العربي العربي وبشكل السلام والحرب، لكني وأنا أتحدث في هذا كله أرجو أن يكون واضحا أننا نحن في هذه اللحظة نحتاج إلى نظرية أمن عربي لا تنزع سلاحنا ولا تستبقي لدينا سلاحا لكي نستخدمه في غير أهداف الأمن القومي العربي.
تصبحون على خير

ليست هناك تعليقات: